الأحد، 3 أكتوبر 2010

كلاكيت / كيف نختار رئيسا للجمهورية ؟

هذا المقال سبق أن نشرناه منذ خمس سنوات بعدد من المواقع للكترونية . منهاموقع " الحوار المتمدن " الحوار المتمدن - العدد: 1334 - 2005 / 10 / 1

ونعيد نشره اليوم . باهداء الي المفكر المصري الذي استقال من عضوية حزب معارض كبير وعريق . بسبب قيام رئيس الحزب بزيارة مقر جماعة الاخوان المسلمين . بالقاهرة
---
كيف نختار رئيسا للجمهورية ؟
انتخابات الرئاسة التي جرت بمصر مؤخرا هي أول انتخابات تجري بين عدة مرشحين - طبعا بعد ضغوط داخلية وخارجية ونضال مرير ، وليس حبا في الاصلاح من قبل العسكريين والمباحثيين الحاكمين - وهي المرة الأولي التي يجد فيها المواطن المصري نفسه أمام خيار رئيس واحد لبلده من بين عدة أشخاص.... بغض النظر عن التزوير واللعب الذي حدث ..، ولأنها أول مرة منذ أكثر من نصف قرن من الزمان لذا فان الكثيرين لم يفرقوا بين انتخاب رئيس لللجمهورية وانتخاب رئيس نقابة مهنية ، أو انتخاب عضو برلماني يمثل طائفة من الطوائف ..

يبدو أن البعض ، وربما كثيرون لم يعرفوا أن المرشح لرئاسة الجمهورية هو مرشح لرئاسة دولة كاملة .. شعب بأكمله ..! والمطلوب منه كسياسي .. رجل دولة ..أن يمد يده - ويلتقط أيادي - كافة الطوائف ومختلف التيارات ...
والمفروض أن يكون كسياسي ( رجل دولة ) عارفا متي يمد يده ، ومتي يسحبها .... وبأي قدر يمدها
. وبأي قدريجب أن يسحبها ..

ولأن هناك من لم يفهموا ذلك لكون التجربة جديدة .. لذا فقد سمعنا أشياء كثيرة تنم عن ذاك الفهم غير السليم لطبيعة المنصب ومن تلك الأشياء: استنكار الأقباط لماقاما به مرشحا الوفد والغد . ضمن جولتهما الانتخابية بمقابلة ممثل الاخوان المسلمين - الغريم الطائفي لهم - ...
وصياح البعض بالقول : ان حزب الغد " أيمن نور " قد عقد صفقة مع الأقباط (!!) .، ويبدو أن هؤلاء وأولئك لم يتفهموا أن المرشح للرئاسة الجمهورية - أي الدولة كلها علي حد السواء ، يجب أن يكون ، ولزاما أن يكون رئيسا للاخوان المسلمين ، ورئيسا للاخوان المسيحيين ورئيسا للاخوان الشيعة ورئيسا لللاخوان البهائيين - غير المعترف بهم رسميا ويقدرون ببضعة آلاف.. ورئيسا لللاخوان العلمانيين والاخوان الملحدين ... هذا من الناحية الطائفية الدينية
ومن ناحية القوميات .. يجب أن يكون رئيسا للجميع .. للقوميين المصريين - حزب مصر الأم .. تحت التأسيس - ، وأنصارهم المستقلين ، ورئيسا للقوميين المصروعروبيين - أي المتمسحين في العروبة ، وهو يمثلون الغالبية - ، وكذلك النوبيين ، وبربر سيوة ..
ويجب أن يكون رئيسا لكل التيارات السياسية .. رئيس لليمين الرجعي .. ورئيس لليسار التقدمي ، ورئيس للوسط ( الواطي الديمو اراطي ),, وعليه كسياسي - رجل دولة - أن يحقق المعادلة الصعبة في منح كل طرف من هؤلاء حقوقه بالقدر الذي لا يضر بالأطراف الأخري .. ويأخذ من كل الأطراف قدرا من التأييد يبرر بقاءه واستمراره طوال مدة رئاسته
بقول آخر : علي رجل الدولة أن يقود سفينة الأديان والطوائف والتيارات كما ربان السفينة يعرف متي يرفع مرساته ومتي يلقيها .. وعليه أن يقيم بالدولة تعايشا بين كل التناقضات والتباينات..
أي يجب ألا يقول الاخوان المسلمون : نريد رئيسا بشرط أن يطبق الشريعة ويلزم الأقباط بدفع الجزية، ويقر قتل المرتد والا فلا ..ولن نصوت له ..(!!)
ولا يقول الأقباط نريد رئيسا لا يقابل الاخوان المسلمين ولا يسلم عليهم والا فلا .. ولن نعطيه أصواتنا ..(!!) ولا يقول الناصريون : نريد رئيسا يعلن الحرب فور تسلمه الرئاسة علي اسرائل والصهيونية والامبريالية العالمية .. ويسعي لعمل الوحدة العربية التي لا يغلبها غلاب ...(!!) ، ويؤمم الشركات من جديد ، ويفتح سجونا ومعتقلات لأنصار التطبيع .والا فلا ولن نعطيه أصواتنا ..
وهكذا وهكذا باقي التيارات !!...لو أصر كل علي الحصول علي كل شيء .. وكل طائفة وكل تيار تمسكت بأن يكون مرشح الرئاسة مواصفاته علي مقاسها ..فان ذلك يكرس قول رجل الشارع المواطن البسيط " اللي عرفناه أحسن من اللي ما عرفناهوش " !!كلا ، بل يجب أن نعرف ما لم نعرفه بحثا عمن هو أفضل .. طالما أن : ( اللي عرفناه ..) هو السؤ الذي لن يكون أسوأ منه سؤ ..

سبق للشعب الفرنسي أن انتخب رئيسا يقوده من بين الملحدين الذين لا يؤمنون بوجود الله وهو الرئيس الراحل " ميتران " .. فتري هل قام الرئيس ميتران بعد توليه السلطة باغلاق المعابد والمحافل الدينية - بوصفه لايؤمن بها اطلاقا ؟!! كلا .. فهناك دستور ينص علي حرية العقيدة ، وعلي الجميع الالتزام بالدستور ، وعليه كرجل دولة أن يضبط الايقاع وألا يسمح لعقيدة بالاعتداء علي حقوق العقائد الأخري في الوجود والحرية ، مثلما له عقيدته التي هي عقيدة اللاعقيدة . وقد احترم الشعب الفرنسي حق ميتران في عقيدة الالحاد .. وكان عليه أن بسوس حسبما يقضي الدستور ، ويحترم هو أيضا الدستور والشعب الذي اختاره - وقد كان .. -
...
يجب أن نتعلم من الشعوب التي تقدمت وارتقت لكي نلحق بها ...
ان الديموقراطية ليس بها شيء اسمه 100% .. ولا 9و99% .. وانما 51 فقط تكفي من يحصل عليها ليكون هو الفائز ... وكذلك .. يجب ألا يبحث كل منا عن مرشح يحمل 100% من المواصفات المرسومة برأسه ....فالسياسة هي فن الممكن .. ويجب علي كل الطوائف والتيارات أن تفهم أن المرشح الذي يمكنه أن يحقق لها أقصي ما يمكنها الحصول عليه من الحقوق والأماني - سواء كثر هذا الممكن أم قل ..- فعليها أن تعطيه أصواتها ولا تتقاعس عن ذلك ..
صلاح الدين محسن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=46852
*********

ليست هناك تعليقات: