الاثنين، 20 سبتمبر 2010

د. نوال السعداوي . وخريف العمر

كتب : صلاح الدين محسن
20-9-2010

لم أعلم بالحوار المفتوح . مع القراء . الذي أجرته دكتورة نوال السعداوي . يوم 12-9-2010 . الا من رسائل الحوارات التي تدور بين عدد من الكاتبات والكتاب والمثقفين الليبراليين . علي الانترنت . وجاءت كل الآراء تحمل غضبا واستياءا
عندما اطلعت علي كم الاسئلة الموجهة للدكتورة نوال . أشفقت عليها جدا - حوالي مائتي وخمسين سؤالا - ، بعضها يصلح لأن يكون مقالات. لا مجرد أسئلة . وكان مطلوبا منها – وهي في مثل ذاك العمر المتقدم . أن تقرأ كل هذا الكم من الأسئلة . طويلها وقصيرها . جادها ، وهازلها . وتجيب عليها جميعها .. وتتذكر المكرر منها وتنوه عن سبق الاجابه عليه (!) .

معروف أن كثرة العمل – بالنسبة للانسان ، أو الآلة – يزيد من النسبة الطبيعية للخطأ ..

بالاطلاع علي بعض ردود " د. نوال ". علي أسئلة القراء . اندهشت جدا . وشعرت بأنني أمام حالة من حالات التراجعات الفكرية التي اقترفها ويقترفها العديد من المفكرين والكتاب . لا عن قناعة ولا عن مراجعة لأفكارهم التي أفنوا أعمارهم في حملها والدفاع عنها . وانما لظروف ولحاجات أو لدواع وتطلعات مختلفة . تدفعهم لهدم كل ما بنوه وبكل بساطة . في مقال واحد أو لقاء فضائي او حوار صحفي – ربما واحد لا أكثر - ..(!) .

ان سواعدا كثيرة علي ما يبدو لي . لكاتبات وكتاب ليبراليين . قد شمرت . للرد علي بعض ما قالته د. نوال السعداوي .. واغضبهم جدا .
وأرجو ألا تستخدم تلك السواعد مطارقا أو معاولا في الرد علي " ماما نوال " فغالبية هؤلاء . - ان لم يكن جميعهم - قد دخلت أفكار " نوال السعداوي " في تكوينهم الثقافي ..
لذا أتوقع أن يملكوا غضبهم وأن يردوا بالرفق الواجب التعامل به مع الأم . عندما تبلغ سن الشيخوخة . بالرغم من تفهمي للصدمة التي تلقوها من جراء أقوالها التي انقلبت بها علي نفسها .- او ما يبدو لي كذلك - .
ويكفي ان تضع ردودهم النقاط فوق الحروف ، وتصحح المسار

فيما يتعلق بما قالته د . نوال . في السياسة . فهو لا يكاد يكون جديدا عليها كيسارية شيوعية . . وكان الليبراليون المحبون لنوال السعداوي يتجاوزون عن ذلك من قبل ..
وفي رأيي أن الالتزام الحزبي السياسي ل نوال السعداوي . كان علي حساب المفكرة والكاتبة ..ولصالح المناضلة والسياسية الحريصة علي الانضباط التنظيمي الحزبي . أمام الرفاق ..
فالمفكر الملتزم حزبيا وسياسيا . هيهات أن يكون حرا في رأيه أو امينا أو دقيقا . كما يجب ان يكون .

يقال أن " د. نوال " . قد عادت الي مصر . لتمضي بها ما تبقي من عمرها . في حضن الوطن والأهل .
والظروف الحالية في مصر . لا يخفي علي أحد انها تحتاج لمن ينشد السكينة والدعة . وهو في خريف العمر . أن يهادن كثيرا ، ثمنا للأمان ، وطلبا للراحة ..

لعل الأفضل للمفكر والكاتب . عندما يتقدم به السن . حرصا علي عدم هدم ما حققه . أن يتوقف عن الكتابة العلنية . لكي لا يضطر لتقديم تراجعات أو تنازلات عن قناعاته .. خاصة لمن يعيش ببلاد تحارب الرأي الحر . وكل ما هو حر ... ، وأن يعكف علي كتابة ما سيتركه لينشر بعد مماته .

كان الكاتب الكبير " محمد حسنين هيكل " قد بادر منذ سنوات قليلة . بما أسماه " الاستئذان في التوقف عن الكتابة " .. وكانت مبادرة جد حكيمة .. ولكن الأضواء الاعلامية راحت تلاحقه . فاستجاب لاغراءاتها . ونظن أنه بأحاديثه الكثيرة بعد نفض المبادرة . قد خسر الأكثر ..
ولو كان " هيكل " قد سجل ما تبقي لديه . لينشر بعد مماته – مثلما فعل الموسيقار محمد عبد الوهاب – لكان أفضل له .. اذ جاءت مذكرات الموسيقار عبد الوهاب . التي كتبها لما بعد مماته . صريحة وغير مجاملة . بعكس ما كان معروفا عنه .. فكانت مكسبا واضافة لسيرته .
فما يكتبه الانسان لنفسه .. غالبا يكون هو الأكثر أمانة والأكثر صدقا . لأنه لن يلقي عليه مالا أو أضواءا ، ولن يجامل أو يخشي أحدا . مما يجعله اضافة للكاتب وليس انقاصا من رصيده ..

وأظن هذا هو ما تحتاج اليه د. نوال السعداوي . وبعد أن ترمم الشرخ الذي أحدثته في تاريخها وعطائها الفكري . – حسبما نري - بالحوار المفتوح الذي أجرته مؤخرا .. علي صفحات " الحوار المتمدن " .
رابط الحوار . موضوع الحديث :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=228808
ترسل التعليقات علي بريد الكاتب :
salahmohssein@hotmail.com
*************