السبت، 21 أغسطس 2010

الحب بالحب والكره بالكره

المقال منعت جريدة القبس نشره يوم الأربعاء الماضي

بقلم : أحمد الصراف

تعرضت باكستان في الأيام القليلة الماضية لكارثة سيول قل نضيرها في العصر الحديث فقد من جرائها الآلاف حياتهم والأسوأ من ذلك خسارة أكثر من 20 مليون باكستاني كل ما يمتلكوه من ماشية ومحاصيل وأدوات ومأوى، وهم بحاجة للماء والغذاء والكساد، بعد أن أصبحوا جميعا معدمين تماما، وكل ذلك حدث في ظل حكومة عاجزة ينخر في أوصالها الفساد بالرغم من أنها تحكم "أرض الطهارة"!

الغريب في الأمر أن رد الفعل الدولي، بالرغم من هول الكارثة وحجم خسائرها الغير مسبوق، كان سلبيا بشكل عام، ولم تستجب غير دول قليلة لمطالبات السلطات الباكستانية، وسكرتير الأمم المتحدة، وما وصلها من مساعدات كان متواضعا بكل مقياس، والدليل أن الكويت كانت الأكثر كرما! والجدير بالذكر أن الفيضانات أصابت بشكل أساسي مقاطعة وزيرستان والمناطق المجاورة لها وهي الأكثر تدينا وقربا للفكر الأصولي الطالباني!

ولو بحثنا في أسباب هذا الجفاء الدولي في التعامل مع هذه الكارثة البشرية، وضعف تجاوب الدول الغنية الكبرى مع طلبات الاغاثة، مقارنة بمواقف نفس الدول من كوارث أقل قسوة من هذه الكارثة بكثير، لوجدنا أن مواقف باكستان العدائية مع دول عدة وفساد أنظمتها وطاقمها السياسي وعدم وضوح مواقفها من الحركات المسلحة والمتشددة دينيا، وما يشاع عن العلاقة المشبوهة التي تربط أجهزة مخابراتها بحركة طالبان والقاعدة ربما كنت جميعا وراء هذا الجفاء، فمواقف الدول من بعضها البعض لا تبنى من خلال تجربة أو حادثة واحدة، بل من سلسلة مترابطة من الأحداث والمواقف العدائية أو عكسها وبالتالي يجب أن لا نستغرب إن كرهنا العالم أو أحبنا، فالدول كالبشر، يكرهوا ويعادوا من يكرههم ويحبوا ويميلوا لمن يعاملهم بالمثل، فهل نتعلم من تجربة باكستان شيئا؟

وفي هذا السياق أحضر لي صديق باكستاني نموذج طلب جواز سفر رسمي صادر عن السفارة الباكستانية، تضمن الفقرة الغريبة التالية التي تفرض على طالب تجديد جواز سفره التوقيع بأنه يعلن بطريقة خالية من أي شك موافقته على اعتبار "ميرزا غلام أحمد قادياني" مدعي نبوة، واعتبار أتباعه، سواء كانوا من جماعة اللاهوري أو القادياني، من غير المسلمين" !!

فهل هناك من يحترم حكومة تمنع إصدار، أو حتى تجديد جوازات سفر مواطن إن رفض التوقيع على مثل هذه الشهادة، حتى ولو كان أتباع القاديانية أكبر أشرار الدنيا؟ ومن الذي يملك حق توزيع صكوك الغفران على البشر، وتصنيفهم مسلمين أو غير مسلمين؟

أحمد الصراف

16/8/2010
***********

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق