الخميس، 23 يونيو 2011

التجريف السياسي للوطن

كتب : صلاح الدين محسن

كل نظام ديكتاتوري . يتطلع الي الانفرد بالسلطة والاستمرار فيها . يحرص علي تجريف الوطن . وتبويره . من كافة الكوادر السياسة الشريفة المخلصة القادرة علي تسلم قيادة البلاد .

ومن هنا يقوم النظام بتنفيذ مخطط لاحراق كافة الرموز السياسية الوطنية . باغرائهم بحلوي السلطة . المسيلة للعاب . فيهجموا عليها واحدا تلو الآخر . ليتم تخديرهم و احراقهم بالبطيء . واسقاط قيمتهم عند المواطنين .. حتي يأتي وقت يتلتف الشعب حوله يمينا ويسارا بحثا عن رمز ، كادر ، وموهبة سياسية قادرة علي قيادة البلاد فلا يجد واحدا صالحا .. بعدما احترق الجميع ممن كانوا معروفين ، ولا يبقي سوي أسماء مجهولة للرأي العام .
فان استقال عبد لناصر بعد نكسة أتي بها ، أو مات ، أو أعدم صدام أومات الأسد أو انخلع مبارك ، أو القذافي ، أو علي عبد الله صالح .. لا يعرف الشعب بالضبط أحدا يمكنه اشغال المنصب من بعد الديكتاتور ..
وهذا ما كان يردده باطمئنان " حسني مبارك " قبل اضطراره للاعتزال . بقوله انه لا يجد من يصلح لشغل المنصب ، وعندما يجده فسوف يسلم السلطة ...(!)
وكان كلام " مبارك " صحيح . اذ قام من قبل . باحراق كل من كانوا يصلحون لقيادة مصر .. بعدما تولي جهاز أمنه . تقزيم وتسفيه رموز المعارضة السياسية المعروفين . وأفسد ذماتهم وخرب ضمائرهم . ولم يترك ذرة من ثقة الشعب فيهم .. ( بحيل وبأساليب أمنية . يطول شرحها ، ولا نظنها تخفي عليكم )

طرطور بدرجة رئيس وزراء .
طرطور بدرجة نائب رئيس وزراء .
طرطور بدرجة وزير .
طرطور بدرجة عضو برلماني .
طرطور بدرجة عضو مجلس شوري .

كل تلك الطراطير . غالبيتهم كانوا قامات محترمة . ملء السمع والبصر .. رموز من أغلي الرموز السياسية للوطن ..
وبعد سنوات من تعيينهم برتب " طراطير" . حيث لا سلطة حقيقية في أياديها . تذهب قيمتهم أمام الشعب .. فتحترق أسماؤهم وتواريخهم النضالية وحتي مكاناتهم العلمية . تتلوث.. ! .

هل يتحمل النظام الديكتاتوري وحده مسؤولية احراق رموز الوطن وعقوله وكفاءاته بعملية التجريف والتبوير السياسي تلك ..؟
أم يتحملها معهم المهرولون ، الذين سال لعابهم علي حلوي السلطة وبمجرد التلويح لهم بها .. اندفعوا لالتحاسها . ليغنموا الرواتب والبدلات الضخمة ، والاستمتاع برحلات السفر ومقابلة الملوك والأمراء والرؤساء والسياحة ببلاد العالم علي حساب التكية .. ومن قوت شعب جائع .؟ ..
هؤلاء يخسروا أنفسهم وتواريخهم ثمنا لمكاسب شخصية ، بقبولهم لسلطة لا تشرف سياسي محترم أن يتقلدها . تحت امرة قراصنة أفاقين مغامرين .
النظام العسكري الديكتاتوري بأي بلد . لا غني له عن ماكياج من سياسيين مدنيين شرفاء يجمل بهم نفسه ، ويجعلهم واجهة له أمام الداخل والخارج .. لاطالة عمره في السلطة ، وممارسته لقهر المواطنين وافقارهم وتجويعهم بنهب ثروات الوطن ..

فكيف لا يكون لا يدان ويحاسب - عندما يحين وقت المحاسبة - .. كل سياسي يقبل أن يجعل من نفسه " ماكياج مدني " . لنظام حكم غير مدني . ينهب الوطن ، و يسلب المواطن حقه في حياة كريمة ويقهره .
انه تواطؤ ، وخيانة عظمي . لا تقل عن خيانة الوطن بالتعاون مع محتل أجنبي ضد مصالح البلاد والشعب .. فالنتيجة واحدة في الحالتين ..
يجب محاكمة هؤلاء السياسيين المدنيين - في الوقت المناسب - ومطالبتهم باعادة ما تقاضوه من الرواتب والمخصصات الضخمة التي منحها لهم النظام الديكتاتوري – باعتبارها رشوة – ومطالبتهم بدفع تعويض الوطن – أو السجن - عما أصابه نتيجة التواطؤ . مع نظام غير شرعي . يحكم بالحديد والنار .

لسنا مع رفض المنصب عندما يعرض علي السياسي المدني .- من نظام عسكري ديكتاتوري - في صمت بدون أن يدري به أحد ..
ولا مع قبول المنصب وبعد شهر أو أكثر قليلا . يقدم الاستقالة في صمت . فلا يدري أحد بسبب الاستقالة ..
وانما الواجب قبول المنصب ، وممارسة المسؤول لعمله كما يحب هو . وكما يجب من سياسي وطني مدني حر .. وعند أول بوادر معاملته بصفته " طرطور " وهذا لن يستغرق اكثر من شهر أو شهرين .. يسارع بتقديم استقالة مسببة . ترسل لمختلف وسائل الاعلام المحلية والعالمية .. لتعرية النظام غير المدني ، الديكتاتوري . أمام الشعب ، وأمام العالم ..
وعلي هذا السياسي المستقيل . الحر . أن يتحمل ما قد يجره عليه . الاعلان عن أسباب الاستقالة .. – كجزء من نضاله في سبيل الوطن - ..
*********

الخميس، 16 يونيو 2011

استقالة رئيس وزراء مصر ونائبه

نتوقع قيام كل من رئيس وزراء مصر – دكتور عصام شرف ، و النائب " دكتور يحيي الجمل " -. بعقد مؤتمر صحفي . لاعلان الاستقالة من السلطة . وتحميل المجلس العسكري وحده مسؤولية الاتجاه بمصر نحو الحكم الديني . مما يهدد باعادة البلاد للوراء لمئات السنين . بعكس ما وعد به هذا المجلس . عقب الثورة . بتسليم السلطة لنظام حكم مدني ..

وفي الاستقالة احترام من كل منهما لنفسه ولتاريخه .. فالدكتور يحيي الجمل . اسم كبير ومحترم . سواءا كفقيه دستوري ، أو كسياسي ليبرالي . ويربأ بنفسه – وكذلك دكتور عصام شرف – أن تتم محاكمته وهو في شيخوخته . أمام محكمة لثورة أخري محتملة ، أو أمام التاريخ . بسبب المشاركة ولو بالصمت . في توريط وطنه وشعبه - أثناء وجوده في السلطة - ، في نظام حكم ديني يعيد مصر للعصور الوسطي . علي أيادي المشايخ .

وأن يبين كل من رئيس الوزراء ونائبه . في المؤتمر الصحفي . رفضهما لأن يجعل المجلس العسكري منهما ديكورا مدنيا لسياسته اللامدنية ، والتي تسعي لنقل مصر من ديكتاتورية الدولة العسكرية ، لديكتاتورية الدولة الدينية ، أي من هوة الي هوة أعمق ..
و يوضح رئيس الوزراء ونائبه . كيف أن المجلس العسكري . قد بدأ مخططه لاقامة دولة دينية . عندما :

1 - عين لجنة لتعديل الدستور تضم أحد أعضاء جماعة دينية محظورة بحكم القانون ، ورئيسا للجنة ، متحالف مع نفس الجماعة ، ويحمل
فكرها ! . فضلا علي كون تعديل الدستور كان عملا في غير محله ، وكان الواجب عمل دستور جديد .. ولكنها ارادة المجلس العسكري !

2 - تراخي المجلس العسكري عن مواجهة خطر ظهور جماعة دينية أخري ، أشد شراسة وأكبر خطرا من جماعة الاخوان . عقب ثورة 25 يناير . وهي جماعة السلفيين . الذين قاموا بهدم عشرات الأضرحة . تعديا علي سلطة الدولة ..

3 – غض البصر عن التعدي علي هيبة الدولة . بمعية الجماعات الدينية في محافظة قنا . عندما عطلوا حركة القطارات ورفعوا علم دولة أخري – السعودية - . مما يعد خيانة عظمي ، و لم يسمع عن اتخاذ المجلس أي اجراء سريع و رادع ضدهم ! .

4 - اعادة تعيين محافظين جدد من لواءات الجيش ! – استمرارا في العسكرة - مما يكذب نية هذا المجلس . لتسليم السلطة لحكومة مدنية أو التمهيد لذلك . كما ادعي المجلس وقت الثورة .

5 - اعادة تشكيل لجنة أمناء الاذاعة والتليفزيون من وجوه غالبيتها تقليدية جدا منذ عهد حكم مبارك . وبنفس الطريقة والعقلية الأمنية السابقة . ! مما يشير الي عدم جدية التغيير بما يتناسب مع ثورة وعهد جديد ، يحتاج لوجوه ولعقول جديدة !

6 – لم يقم المجلس بواجبه في انهاء حالة الانفلات الأمني وانتشار البلطجية والمسلحين . الذين انتشروا بالشارع المصري عقب سقوط نظام مبارك . وبتدبير من جهازي الأمن والشرطة .. .. مما يوحي بأن المجلس يدخر هؤلاء البلطجية والمسلحين لانتخابات الرئاسة القادمة ، ليقوموا بنفس الدور السابق في عهد مبارك . لتزوير الانتخابات . اما لصالح اعادة رموز النظام السابق للحكم ، أو لصالح فوز التيار الديني الذي يساعده المجلس العسكري ، علي اقامة الدولة الدينية ..
7 - السماح بقيام أحزاب دينية . تتحايل وتتلون بحيل وبخدع مكشوفة مثل قولهم " مدنية ذات مرجعية دينية ! " بينما لا يجوز للدولة المدنية أن تكون لها أية مرجعيات دينية – الدين بقلوب المؤمنين وبمعابدهم فقط - ، وحكاية أغلبية أو أقلية في الدين ، يجب ألا تدخل في أية حسابات سياسية أو تشريعية .

أول الاحزاب الدينية التي سمح المجلس العسكري بقيامها . حزب لجماعة الاخوان ، " حزب العدالة والحرية " الاخواني :
http://www.youtube.com/watch?v=FBMoU5JuSf8
وأخيرا حزب للسلفيين ! الذي وافقت عليه ( وبسرعة ) لجنة الأحزاب . باسم حزب النور – فيا له من نور ! -.
( جريدة الوفد – المصرية - الأحد, 12 يونيو 2011 ) .
---
8 - المجلس العسكري . يدلل الارهاب الديني . تدليلا !. بعدم اتخاذ محاكمات سريعة وأحكام صارمة ضد من يحرقون ويهدمون . المباني لدواعي طائفية تزعزع أمن الوطن وتهدد وحدته . ويسارع المجلس باعادة بناء ما يهدمه الارهاب الديني علي نفقة الدولة . بأسرع مما يحاكم الفعلة القتلة الارهابيين ! – مثلما حدث في أطفيح ، وامبابة . وغيرها ( الاسراع باعادة بناء الكنائس علي نفقة الدولة دونما اتخاذ أية اجراءات قوية لمنع تكرار ما حدث ! ) ..

التيارات الدينية . التي باتت السلطة في مصر وشيكة الوقوع بين أنيابها ومخالبها . لا يوجد لديها أي برامج لحل مشاكل الشعب ، بل كل ، وأهم ، وأول ما في جعبتها لأجل البلاد والعباد . هو " اللحية و الحجاب والنقاب " :
(( أطلق الطلاب السلفيون بجامعة الأزهر حملة بعنوان مليون لحية قبل رمضان أي خلال شهر دعا فيها الطلاب زملاؤهم من غير السلفيين إلي إطلاق لحيتهم ودعوة غيرهم من طلاب الجماعات الأخرى للاقتداء بهم حتى يصل العدد ألي مليون تمهيدا لملايين )) . قادمة تتبع الفكر السلفي ،
أما الداعية الإسلامي محمد حسان، فقال إننا نتمنى أن يكون هناك 80 مليون ملتح في مصر، فالالتزام لا يمكن أن يقف في وجهه أحد والرسول لا يأمرنا إلا بخير

وذهب الداعية الدكتور صفوت حجازي إلى أن الدعوة نتاج طبيعي للحرية التي نعيشها، فبعد أن كانت اللحية دليل إرهاب أصبح هناك تسابق على إطلاقها،
وقال الشيخ عبدالمنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية، إن الدعوة لا تمانع في إطلاق اللحية بين الشباب باعتبارها من السنن المؤكدة، وإطلاق دعوة من الشباب السلفي بطلق اللحية لا يتعارض مع الدين الإسلامي ويجب تأييده،
http://www.nadyelfikr.com/showthread.php?tid=43785
-----!!! !!!
هذا هو أهم ما يشغل عقول دولة حكم المشايخ والدين . التي يعد لها المجلس العسكري ، ويمهد لها الطريق . فالدولة الدينية ومشايخها . لا شأن لها ولهم برغيف الخبز ، لشعب يعاني الفقر والجوع ، ولا بملايين العاطلين عن العمل ، ولا بملايين المرضي الذين لا يجدون ثمن العلاج ، ولا بملايين يفتقرون للسكن اللائق بآدميين ..! بل برنامجهم وكل مشاريعهم القومية هي : اللحية والنقاب والحجاب – و بعد تسلمهم السلطة سيكون كل عملهم هو : ضرب الناس لاجبارهم علي الصلاة ! وجلد من يفطر نهارا في رمضان أيا كان العذر ! ، وسجنهم علي ذلك . مثلما يحدث بالسعودية ! ، وهذه أبسط الأمور . فهناك مصائب كثيرة تتنظر مصر علي أياديهم ، لا يتسع المجال هنا لسردها -
-------
لذا نتوقع قيام رئيس الوزراء ونائبه – د . شرف ، د . الجمل - . كسياسيين مدنيين ليبراليين . اعلام الشعب بحقيقة ما يجري وما يدبر له ولمصر علي يد المجلس العسكري - و تقديم استقالة علنية مسببة ، .لابراء ذمة كل منهما ، و ترك المجلس . يتحمل وحده . مسؤوليته عما يقترفه في حق مصر ، أمام الشعب وأمام التاريخ . . ودعوة المصريين لتقرير مصيرهم بأنفسهم .
************