كتب : صلاح الدين محسن
salahmohssein@hotmail.com
الأدب الهامس ؟ أم الأدب الزاعق ؟ ( من طرق التعبير بالكتابة ).
يهما أكثر تأثيرا ؟
نقسم طبيعة الناس ، في ذلك الي ثلاثة اقسام :
القسم الأول . اناس يؤثر فيهم الأدب الهامس . يوغر ويقر في نفوسهم باكثر من الأدب الزاعق أو الواخز
القسم الثاني : اناس بطبيعتهم . . يستنهضهم الأدب الزاعق الواخز . وليس الأدب الهامس . وهؤلاء في حسابنا . ليسوا بنسبة أقل من النوع الأول . بل لعلهم هم الأكثر . ولاسيما بشعوب دول العالم غير المتقدم .
القسم الثالث : هؤلاء لا يؤثر فيهم ولا يحركهم . لا الأدب الهامس ، ولا الزاعق ، ولا الأدب اللاذع ، ولا الواخز ، ولا الناخس ، ولا اللاسع ..
وهذا النوع الثالث من الآدميين. يمثلهم خير تمثيل : حكام الشعوب الناطقة بلغة خير الأنام وسيد البشر . . ...
مثل أنصار التعبير بالأدب الزاعق ، والواخز ، ومثل أشياع التعبير بالأدب الهامس ، كمثل من يعشقون الشطة ، ومثل من يحبون الحلوي .
فليأكل كل منهما ما يحبه ، وليترك الآخرين يستمتعون بما يفضلون .
يبدو انه من آداب التعبير وعلمية الأسلوب . ومن منهجية النقد . عند بعض انصار الأدب الهامس . انه عندما نتكلم عن اللص الخطر المتعدد السوابق – مثلا - ، ألا نصفه بصفة : اللص .. ، ولا نستخدم كلمة المجرم مقرونة بكلمة اللص .. كلا . فتلك شتائم لا تليق بمفكر أو كاتب أو مثقف ، وعيب منا ، وليس عيب من اللص .. ويبدو أن الصواب عندهم هو أن نقول عن الحرامي :
السيد ، أو الأخ . الذي يأخذ أشياء غيره بدون علمهم وبلا اذن منهم
... ! ...
هناك من يكرهون نقد الحاكم ، ويمقتون نقد المعتقدات العتيقة المعوقة للنهوض والتقدم ! – ولكنهم لا يقولون ذلك صراحة . وانما يبدأون كلامهم بالقول : لسنا ضد النقد ..( وهم كاذبون ) ويستطردون : انما نحن مع النقد البناء والموضوعي ، مع النقد العلمي ، المنهجي .. ( هكذا يزعمون كذبا .. !) .
كلام يبدو حقا ، ولكنهم لا يقصدون به سوي الباطل .. وما يقصدونه هو اما منع نقد نظام ديكتاتوري . لمصالحهم الخاصة من وجوده . ، واما للحيلولة دون نقد عقيدة تفرخ التخلف وتنبت الجهل . فرضت كرها علي الجدود وتوارثها الناس وراثة ..
واحيانا يقول بعض هؤلاء : نحن لسنا ضد نقد الدين ، وانما ضد الشتائم والتهجم وجرح الأحاسيس ( وهم في ذلك غير صادقين . بل كاذبون مخادعون ) ويضيفون : نحن مع النقد العلمي ، كما يفعل دكتور فلان ...
فان بحثت عن الدكتور فلان هذا .. وجدته مطاردا ومهددا بالقتل ..ومهاجما دائما . وربما كان نفس الشخص الذي امتدحه في هذا الحديث. هاجمه في حديث سابق ، وسيهاجمه في حديث لاحق .. (!) . أي انه لا هذا ولا ذاك قد سلم من أذاهم ..! .. انها خدع جدلية ، ومناورات ماكرة . هدفها الخبيث هو الحيلولة دون ممارسة حق نقد الحاكم الظالم أوالمعتقد الغاشم . خوفا علي مصالحهم المرتبطة بالاثنين معا . أو : هكذا عقولهم تعي .. ، وهكذا عيونهم تبصر ..!
الكتابة الساخرة شكل من أشكال التعبير عن الرأي . وهي فن يتذوقه ويحبه الكثيرون . ويتضايق منه آخرون ..
وهناك من لا يمكنهم التعبير عن آرئهم بدون استخدام السخرية ( كفن ناقد هادف بناء ، وليس السخرية للسخرية للاضحاك ، أو للاستهزاء بدون مبرر ) . فهل يجوز حرمانهم من ابداء الرأي – وحرمان محبي هذا النوع من فن التعبير بالكتابة - . بسبب طريقتهم في التعبير التي لا تروق لاناس – خاصة لو وظفت لنقد حاكم طاغية ، أو عقيدة عتيقة بالية ! - ؟!
كلا .. فحرية الرأي لا تنفصل عن حرية التعبير ، وهما متلازمتان في نصوص القوانين والدساتير الحديثة ...
والكتابة الساخرة - كفن من فنون التعبير- .. متداولة بالعربية . منذ ما يقرب من ألف عام . من " البهاء زهير" – من شعراء العصر المملوكي الأيوبي بمصر .581هجرية الي 656 هجرية . النديم الي عبد الله ويعقوب صروف ، وعبد الحميد
قطامش ومحمود السعدني - وتلميذه عصام حنفي - ومحمد عفيفي ، ومحمد مستجاب وغيرهم ، ( ويتوج هؤلاء : ملك الكتابة الساخرة " أحمد رجب " الساخر الأعظم ) ..
والكتابة الساخرة فن . يموج بالظرف وخفة الظل – . و من لديهم حساسية شديدة من أية عبارة ساخرة أو حتي شبه ساخرة مهما كان عمقها وهادفيتها ومهما كانت جرعة الظرف وخفة الظل بها ! . عليهم أن يعرفوا بأن هذا شأنهم هم ، وينصرفوا عن هذا الفن . نحو غيره . ويدعوه لمحبيه ..
فغالبية القراء المصريين - ما لم يكن جميعهم - يحبون جدا الكاتب الساخر الأعظم " أحمد رجب " الذي يوظف سخريته لنقد الفساد والفاسدين ..
أشهر وأهم 3 شعراء سياسيين بالدول التي تم ربطها بلغة البدو . هم أحمد فؤاد نجم ، أحمد ابو مطر ، مظفر النواب .
هؤلاء الثلاثة كما لو كانوا يكتبون بالسكين .- كما قال نزار قباني عن نفسه – بعد النكسة 1967
وقد يستخدمون شتائما صريحة ..
كما فعل " أحمد فؤاد نجم " . ببرنامج تليفزيوني . وصف عصابة الفساد الملتفة حول الحاكم والشريكة له بقوله : أولاد الوسخة ... (!) .
تجدون ذلك علي الانترنت ، بهذا الرابط - بل وبأكثر من رابط آخر- :
http://www.youtube.com/watch?v=CAy5WGu0NnY
ويتأفف بعض الناس بالطبع من طريقة تعبيره ، بينما البعض الآخر . لعلهم الغالبية . يضحكون اعجابا به ويقولون : قليل علي عصابة الفساد والحكم . أن يصفهم بذاك اللفظ وحده ..
ومظفر النواب كذلك . خاطب الحكام العرب ذات مرة :
" أبناء القحبة انتم ... "
من هم قراء هذين الشتامين : نجم ، والنواب ، ومعهما الشاعر الرائع – الشتام . في عرف البعض - أحمد مطر ؟
الجواب : غالبية أثقف المثقفين هم قراؤهم .. وليس وحسب من هم من عامة القراء .
فلماذا ؟
لأن شعرهم – . علي درجة فائقة من العمق والفنية ، والاحساس بقضايا أوطانهم ، وبآلام وآمال الفقراء . أبناء شعوبهم ... عبقرية لم تتأت لغيرهم من الشعراء الكبار الذين يكتبون الشعر بأناقة ولياقة أبناء الطبقة المخملية ..
من الذين يهاجمون شاعر الشعب – أحمد فؤاد نجم - ؟
فيقولون عنه انه ليس بشاعر ! وانه شتام . ..
ما هؤلاء سوي من يعرفون انه شيوعي . ويتقولون عليه لأسباب عقائدية ، وكذلك من يصفونه بسلاطة اللسان وفحش القول . هم من رجال أعلام النظام الديكتاتوري الحاكم . الذي يناضل ضده – الشاعر نجم . شاعر مصر .
هؤلاء وأولئك هم أعداء شاعر الشعب ، وهم الذين يعادون الشعب والوطن لأجل مصالحهم مع نظام طاغية أو عقيدة عتيقة - بلوة وبالية -..
ممن تعلم الشعراء : " نجم ، ومظفر ، و مطر – وقبلهم بيرم التونسي - " طريقتهم في التعبير بشعرهم ، التي لا تخلو من الشتائم ؟
تعلموها من التراث العربي والاسلامي .. الذي يدافع عنه مدافعون ، حراس غيورون .. ..
فالكلمات القارصة وحتي الخارجة التي قد نجدها بشعر فؤاد نجم أو مظفر ، أو أحمد مطر . لا تعادل واحد بالألف ، مما جاء بشعر شاعر الرسول – أشرف الخلق . ...
- - راجع مقالنا " أخلاق شاعر الرسول .. "
الحوار المتمدن - العدد: 2467 - 2008 / 11 / 16
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=153532
----
الهجاء – الذم والشتم – ضلع ضليع في شعر العرب . قبل وبعد " محمد النبي " . وفي حياته بصفة خاصة . اذ حمل لواءه شاعر . خاص بمحمد سمي بشاعر الرسول " حسان بن ثابت " ( نحبذ أن يكون الاطلاع علي ديوانه للكبار فقط ، وألا يحتفظ به في مكتبة الأسرة ، حرصا علي حسن ألفاظ وادب النشء ) .
في المرحلة الثانوية من الدراسة . كان مقررا علينا في الستينيات من القرن الماضي . شعر اثنين من أشهر شعراء التراث العربي . في الهجاء . وكان مطلوبا منا أن نحفظ أشعار جرير ، والفرزدق – أشهر شعراء العصر الأموي . التي يشتم ويسب فيها . كل منهما الآخر ..!
وكذلك قرروا علينا – وقتذاك - شعر المتنبي وهو يشتم كافور الاخشيدي – أدب عربي .. ! - تعلمناه منذ الصبا بالمدارس الحكومية . وتجري حوله للآن رسائل الماجستير والدكتوراه .. انه تراث الشتائم والمسبات الشعرية العربية والاسلامية ( المجيدة ..) .
الكتاب الليبراليون عندما ينقدون معتقد الارهاب والتخلف – .. ويصفونه بما فيه . لا بشيء من خارجه -.. ان صح انهم لا ينقدون وانما يشتمون ويسبون ويسخرون .. حسبما يتهمهم المتهمون ..
فتري .. من شابه تراثه العربي الاسلامي ( المجيد .. ) والتزم بدروسه . وسار علي دربه .. ..
هل هكذا يكون قد ظلم ؟!؟
***********