كتبها : صلاح محسن
في أوائل عام 1974
قدمت هذه الكلمات . للمسابقة الشعرية " من وحي 6 أكتوبر " التي نظمها المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآدب والعلوم الاجتماعية " في سنة 1974 . حيث كان الاعلام في مصر يقوم بحملة كبيرة للاشادة بالعبور يوم 1973 والانتصار . ( في ذاك الزمن . كنت أقوم بتجارب كتابة الشعر . وتوقعت وقتها . انه لو استمرت الأوضاع السياسية والحكم العسكري لمصر . بدون تغيير ، فان العبور والنصر لن يرفع من مستوي حياة مصر والمصريين بشيء . ولن يستفيد الشعب من عبور القناة والانتصار النسبي . سوي الحصول علي اجازة سنوية . كلما جاءت ذكري 6 أكتوبر ) .
وبالتقليب بأوراقي القديمة . وجدت هذه القصيدة . وهذا نصها :
========
رحماك يا يوم أكتوبر
يا يوم أكتوبر أضأت وادينا بنور سناك
.فتجلي الفن ، وهب الأدب واقفا حياك
ورصدوا جوازيا . لمشاعر أنشاها شذاك
وطوبي لأزكي نفحة أوحي بها محياك
-----
ماذا تريد يا يوم أكتوبر . لأحظي برضاك ؟
عقدا من در الكلام . تتغزله مقلتاك ؟!؟
ليته يشبع ثكلي ، أو يشفي مصابا من جرحاك
-----
ماذا أقول يا يوم أكتوبر . لأظفر برضاك ؟
أأقول : صفق المجد وزغردت النجوم لعلاك ؟
وافتر التاريخ ، وانحني معظما اياك ؟
وهل ذا القول . يشبعك ، ويروي ظماك ؟
== ==
لست شاعرا . يا يوم أكتوبر . وحق دماك
لست كذابا خداعا ، أرائي لأجل عطاياك
جلهم " بشار بن برد " وقاك الله وقاك
اعطه . تجده بأبيه وبأمه وبشعره فداك
وخدعوك بنعوت فضفاضة . لم ترها أو تراك
ولو أعطاهم ( 5 يونيه ) * لرفعوه لعلياك ..!
* - المقصود ب 5 يونية . هزيمة يونيه 1967 -
------
ماذا أقول يا يوم أكتوبر لأحظي برضاك ؟
أأفتح قصيدتي وأختمها متملقا أفاك ؟
كيف ...؟ ، كيف ! وهاتف يستحلفني بدم زاك ؟
هو مفجرك الوحيد ودافع مهر ضياك
ويشد أذني محذرا : اياك التملق اياك ....
لا وروح كل شهيد . كم تاقت لرؤياك
هذه مشاعري . يا يوم أكتوبر . فلتنفتح أذناك :
آاااه يا يوم أكتوبر . اني لا أراك .....
دياجر الأمية تطمسها .. الله لا أعماك
فانشر نورك وبددها . ان شئت أن أراك
آه يا يوم أكتوبر .. قلبي .. رحماك رحماك
المحسوبية أنشبت فيه مخلبها الفتاك
الرشوة حرثته ، زرعته حسكا وأشواك
قدماي .. تورمتا .. مع أغلالها في عراك
البيروقراطية ، والعبث . قيود لتقدمنا وشراك
الفوضي ، الروتين . مصاص لدمانا وسفاك
أختنق . فلافتات الضلال تسد الباب والشباك
معدتي .. آه يا يوم أكتوبر . بيت الداء هناك
أفرطت في أكل وعود .. بعلاج كل ذاك ..!
والتخمة والقرحة . شيدتا فيها أملاك ....
أرحنا .. فقد فضنا ارهاقا وانهاك
وقسما لو نظرت الينا بالجود عيناك
لنطلقن فضائية باسمك تجوب الأفلاك
فان كانت خيراتك ، وبركاتك وهداياك
أن أفرح باجازة .. كلما مرت ذكراك ..
صراحة :: ولكي أكون صادقا معاك..
سأقضيها ثرثرة . في أي لغو عداك
وأبدا لن أذكرك بخير يومذاك ...
أغثنا .. فقد فضنا ارهاقا وانهاك .
صلاح الدين محسن
القاهرة . في أوائل عام 1974
==
كان هذا ما سطرناه قبل الذكري الأولي للعبور عام 1974
ونحن الآن في عام 2010 .
ومع الذكري السادسة والثلاثين . اتضح أن العبور عام 1973 . لم يكن سوي عبور لقناة السويس فقط . من الضفة الغربية للضفة الشرقية . ولم يعبر بنا الحكام العسكر . الذين تسببوا في نكسة 1967 احتاجت لعبور .. لم يعبروا بنا حاجز الفقر ، ولم يعبروا حاجز الظلم والديكتاتورية ، ولا عبروا بمصر حاجز الفساد والافساد . والنهب . ..
بل ازداد القمع وامتلأت السجون والمعتقلات ، والحكم يتجه من التوريث العسكري ، نحو التوريث العائلي . وتركمت مشاكل مصر وتضاعفت معاناة المصريين . ولا يزال الحكام العسكر . يقبضون علي السلطة دونما رحمة وبلا حياء.
********
